الابله الجزء الاول والثاني
الليالي البيضاء
الجريمة والعقاب ج2
الزوج الابدي
حلم العم
في تعليقه على رواية “حلم العم” قال دوستويفسكي: “كان همي الوحيد حين كتبت في سيبيريا هذه الرواية الأولى بعد المعتقل أن أستأنف حياتي الأدبية، وكنت خائفًا من الرقابة خوفًا كبيرًا، لذلك جاءت وجلة كحمامة، بريئة براءة تامة من الممكن أن تصنع منها مسرحية هزلية”.
هكذا كانت رواية حلم العم، كأنما أراد دوستويفسكي أن يبتعد عن تصوير حالة الفقر والبؤس والنفوس الطيبة عن طريق رواية تصوّر حياة الأرستقراطية الروسية بصورة هزلية.
فالشخصية الأساسية: “العم” هو أمير أرستقراطي روسي مفتون بالغرب، يعرف أوروبا الغربية أكثر مما يعرف روسيا، ويريد أن يتزوج من كونتيسة فرنسية.
تدرك مجموعة من نساء الأرستقراطية الروسية شغف الأمير، وتدور منافسة على من منهن ستزوجه من ابنتها. وتدخل السيدة الأشهر في المدينة المنافسة وتقرر فجأة أن تزوج الأمير من ابنتها زينا الفتاة الجميلة. ترضخ الفتاة لرغبة أمها، وتفتنه لأنها غنّت أغنية فرنسية وهي تعزف على البيانو.
إن دوستويفسكي حين صوّر هذه الشخصية إنما قدّم للقارئ صورة كاريكاتورية للأرستقراطية المنحلة المفتونة بحب الغرب. وسنرى نظيرًا لهذه الصورة الكاريكاتورية، بمزيد من السخرية اللاذعة، في رواية “الشياطين”.
الاخوة كارمازف
“لقد طرح دوستويفسكي الأسئلة الأكثر إلحاحا وأزلية التي تواجه البشرية وهو يزداد حضورا على الرغم من مرور قرن ونصف تقريبا على وفاته. إنه يشد أفكارنا ومشاعرنا لنتمكن من رؤية أنفسنا وعالمنا بكل بؤسه وعظمته، وبكل جدارته وتفاهته، وبكل الشرور والخير الكامنين في النفس الانسانية، ويشدنا لرؤية عالمنا بروعة جماله وأحلامه وأوهامه.
إن ما يجري في نفس أبطال دوستويفسكي على صلة بما جرى، وبما يجري، وما سيجري في كل مكان على الأرض وفي السماء منذ ألف عام، واليوم، وغدا: “هل تدرون أي قوة يبلغ الانسان الواحد من أمثال: رفائيل، وشكسبير، وأفلاطون، وسيرفانتس؟ إنه يبقى ألف سنة، ويبعث العالم…”. يقول دوستويفسكي.
في هذه الرواية يصور دوستويفسكي الحيرة والتردد في الصراع بين الحقيقة والزيف، وبين الخير والشر، فيرسم في صور حية قمم السمو البشري ومهاوي الانحطاط، ولكن علام يدور هذا الصراع؟ ويجيب دوستويفسكي بأن هذا الصراع يدور على روح الانسان.
إن الأخوة كارمازوف هي المعبر الروحي الأكثر قوة عن نفسه، إنها نوع من التعبير الأدبي المحمل بالدلالات الفلسفية العميقة، وبأفكار ذلك العبقري ونظرته إلى الحياة.
المقامر
يعتبر دوستويفسكي واحداً من أعظم كتّاب الرواية، فأعماله تتميز بقدرة على السرد تشدّ القارئ وبتعبيرها القوي عن دواخل النفس الإنسانية، وقد عبّر عن ذلك في عناوين رواياته التي تصف الإنسان في شتى مواقفه وتصرّفاته: المقامر - المراهق - مذلون مهانون - الجريمة والعقاب - الأبله... في هذه الرواية يقدّم دوستويفسكي، وصفاً لنفس ومشاعر المقامر، وانسياقه المحموم بحيث يصبح غير قادر على ترك لعبة القمار، إلا إذا انتهت اللعبة، أو خسر كل فلس في جيبه. ولا يقدم دوستويفسكي المقامر كشخصيّة مذمومة، بل يصوّره بنوع من الافتتان، أو نوع من السحر، أو الانسياق غير الواعي، أو تحدّي الظروف. يصوّر دوستويفسكي، كعادته في رواياته، أعماق مكنونات شخصياته، فألكسي إيفانوفتيش الذي يحب باولين القاسية والعاتية والغريبة، يخضع لها ولنزواتها ويقول: إن في المذلّة والسقوط لمتعة عظمى.
مذلون مهانون
ورواية "مذلون مهانون" كانت مدخل متاهة دوستويفسكي إلى المكبوت عند الإنسان، عبّر فيها عن ذلك الخضوع غير المحدود، والإستعداد لتقبّل الذلّ والمهانة، بل التمتّع بذلك الذل وتلك المهانة، حتى ليظن المرء أن شخصيات هذه الرواية هم مجموعة مرضى، أو مجانين، والحقيقة أنهم ما لا نجرؤ أن نكونه، إن دوستويفسكي يُظهر إلى النور ما نكتبه في ظلمات أنفسنا
إن كل شخصيّة في هذه الرواية، قد نرى فيها قديساً، أو مصاباً بالهيستيريا، إبنا باراً محباً، أو جاحداً ولا يهمه ما يسببه من بؤس وشقاء، وهو يريد بذلك التعبير عن الصراع الروحي والشعوري الذي يدفع المرء إلى التضحية دونما تردّد، وهذا ما نجده في هذا الحب الغريب الذي تحمله ناتاشا وكاتيا كلتاهما، وهما الغريمتان، للشاب الطائش الخفيف أليوشا..
كيف أمكن ان تُفتن فتاة مثل ناتاشا المليئة طهارة وحرارة وعقلاً، بشاب مثل أليوشا مليء تفاهة وفراغاً وتردداً وضعفاً؛ كيف أمكن لناتاشا، وحيدة والديها، المحبّة لهما حباً لا نظير له، أن ترميهما في البؤس.
..وذلك ما يقدمه لنا دوستويفسكي في هذه الرواية بعبارات عنيفة قوية تُعبّر عما يتصف به الحب الجارف من إلتباس وتناقضات.
المزدوج
صدرت رواية "المزدَوَج"، العمل الثاني لدوستويفكسي، أوائل عام 1846 أي أياماً فقط بعد النجاح الكبير الذي حققته رواية "الفقراء". ويطرح هذا الكتاب موضوع الجنون، وهو أحد المواضيع الأثيرة لدى دوستويفسكي في رواياته الكبرى اللاحقة.
تصوِّر لنا هذه الرواية الصراع الداخلي الذي يعتمل في نفس ياكوف بتروفيتش غوليادكين، موظف في إحدى إدارات مدينة بطرسبورغ انقلبت حياته رأساً على عقب عند ظهور شخص يشبهه تماماً، ويكيد له ويحتل شيئاً فشيئاً مكانته في العمل والمنزل، إلى أن يدفع بحياته إلى الانهيار التام. ولعلّ أهم ما أثّر في السيد غوليادكين وأثار دهشته أن الناس من حوله، وعلى رأسهم رئيسه في العمل وخادمه بتروشكا، لم يبدُ عليهم أنهم صُدموا بظهور هذا الشبيه، واعتبروه مجرد رجل يشبهه وعاملوه على هذا الأساس.
إن اعتماد دوستويفسكي على تقنية الحوار الداخلي بشكلٍ مكثّف في هذه الرواية مكّنه من أن يسبر أغوار شخصية بطله، وأن يتغلغل في نفسيته التي غيّرها دخول هذا الآخر، مكرّساً بذلك عبقريته في تحليل النفس الإنسانية، حيث قال عنه نيتشه: "دوستويفسكي هو الكاتب الوحيد الذي تعلمتُ منه شيئاً من علم النفس".
على الرغم من أن رواية "المزدَوَج" ليست من أعمال دوستويفكسي الأكثر شهرة، إلّا أنها تُعتبر الحجر الأساس في أسلوبه المتفرّد، حتى أن فلاديمير نابوكوف قال إنها "أعظم كتاب كتبه دوستويفكسي"..
مذكرات من البيت الميّت
اعتقل دوستويفيسكي عام 1849 لتردده على حلقات أدبية مناهضة لنظام القيصر نيقولا الأول ولما نجا بأعجوبة من عقوبة الإعدام ، نفي إلى أحد سجون سيبيريا حيث أمضى أربع سنوات من الأشغال الشاقة. وعن هذه التجربة الذاتية ، تمخضت هذه الرواية التي تحكي – بشكل مذكرات – عن الحياة في المعتقل ،والنظام السائد فيه، وقسوة الجلادين والجوع والعمل الشاق ..... ويصور فيها الرعب والجور تصويراً دقيقاً وكثير من الوقائع المختلفة تروى فيها بالتفاصيل وبصور إنسانية مؤثرة للغاية .
الجريمة والعقاب1/2
تعتبر رواية "الجريمة والعقاب" إحدى قمم الأعمال الإنسانية، إنها ذلك اللغز المفتوح على النفس الإنسانية، وما يدور في أعماقها، والمفتوح على قضايا الموجود، والعذاب، والخير، والشرّ، والحب، والجريمة، والجنون، والأهواء، والمنفعة، والمرض...
إن شخصيّة راسكولنيكوف هي محاولة لفهم تعقيدات الشخصية الإنسانية مقدماً عدداً من التفسيرات، مناقشاً الدوافع والبواعث الكامنة في اللاوعي والتي حَدَت راسكولنيكوف للتصّرف بما يخالف المنطق.
يطرح دوستويفسكي فكرة إستحالة معرفة الإنسان، ويجبرنا على أن نتطلّع إلى ما يكمن في نفوسنا، وأن نعثر فيها على تلك الأهواء التي تعصف بأبطاله، وكيف أن النفس الإنسانية تحمل في آن أسمى المثل إلى جانب أحط الدناءات... كيف أن الإنسان يحمل في داخله قوة تنفيذ الجريمة ورغبة تحقيق العدالة.