افراح القبة
«إني أُدمِن الحُلم كما يُدمِن أبي الأفيون. بالحُلم أُغيِّر كلَّ شيء وأخلقه، أَكنُس سوق الزلط وأرشه، أُجفِّف طفْحَ المجاري، أهدم البيوت القديمة وأُقيمُ مكانها عمارات شاهقة، أُهذِّب الشرطي، أسمو بسلوك الطلاب والمدرسين، أُوفِّر الطعام من الهواء، أَمحَق المخدِّرات والخمر.»
هل جرَّبتَ أن تقف على خشبة المسرح وتُمثِّل شخصيتَك بكل تَناقُضاتها وأخطائها؟ تدور أحداثُ هذه الرواية حول مجموعة من المُمثِّلين الذين يعملون في المسرح، ويُطلَب منهم تمثيلُ مسرحيةٍ أَعدَّها «عباس كرم يونس»؛ أحدُ الفاعلين الرئيسيِّين في الرواية، تتناول شخصياتهم الحقيقية كما يراها هو، فيُبرِز الجانبَ الآخَر للشخصية، فتبدأ هذه الشخصيات جميعها في تبريره، وإيجادِ الدوافع والأسباب وراء تَصرُّفاتهم. وتحمل هذه الشخصيات الكثيرَ من الدلالات التي حرص «نجيب محفوظ» عليها في هذا العمل، ولعلَّ أبرزَ هذه الشخصيات شخصيةُ «كرم يونس»؛ الأب الذي عاش طفولةً مُضطرِبة جعلتْه مُدمِنًا للأفيون، ناكرًا للمبادئ والمُقدَّسات، لا يؤمن إلا بالمادة؛ وشخصيةُ ابنه «عباس» الذي نشأ أيضًا في جوٍّ خالٍ من القِيَم والمبادئ، لكنه يَثُور على هذا الوضع ويَتمسَّك بالحُلم والقِيَم والفضيلة، فجاءت كتابتُه للمسرحية ثورةً كبرى.
قلب الليل
«وكان من عادة محجوب عبد الدائم أن يشترك في أحاديثِ صاحبَيه، لا عن إيمانٍ برأي؛ فلم يكُن له رأيٌ يؤمن به، ولكن حبًّا في الجدل والسخرية، ولكنه شعَر ذلك المساءَ — أكبر من ذي قبل — أنه من الشعب البائس الذي يَعْنيه علي، فأراد أن يُنفِّس عن صدره المحزون بالكلام، ولم يَكُن الشعب شيئًا يُهمُّه، ولكنه لم يستطع أن يَطرُق همومَه الخاصة إلا عن سبيله.»
«القاهرة الجديدة» هي بداية الرواية الواقعية في أدب «نجيب محفوظ» بعد ثُلاثيَّته التاريخية، وقد تَناوَل في هذه الرواية المجتمعَ المصري في فترة الثلاثينيات، وما شاع فيه وقتها من فسادٍ وتَسلُّطٍ وانتهازية ومحسوبية واتِّساعِ الهُوَّة بين الأثرياء وعامَّة الشعب. وقد جسَّد «محفوظ» ذلك من خلال الشخصيةِ الرئيسية في الرواية؛ «محجوب عبد الدائم»، الخارجِ من رَحِم الأزمة الاقتصادية التي يُعانيها أبناءُ المجتمع، والساخطِ على وضعه الاجتماعي، المُستعِدِّ لفِعل أي شيءٍ والقَبول بأي شيءٍ مُقابلَ الثراء والوصول إلى المناصب العُليا، حتى إنْ كلَّفه ذلك الزواجَ من عشيقة «الباشا». وفي مُقابِل «محجوب» هناك زميلَاه في الجامعة؛ «مأمون رضوان» المُنتمي للتيَّار الإسلامي، و«علي طه» صاحب الفكر الاشتراكي. وتأتي شخصيةُ «إحسان» حبيبة «علي طه» لتُجسِّد المُعاناة الكبرى لهذه الطبقة حين تُصبِح عشيقةَ «الباشا» وزوجةَ «محجوب عبد الدائم».
يوم قتل الزعيم
«عجيبٌ أن يخلد الحبُّ في ظلِّ الفساد المنتشِر. هذا الطِّوار المُتهرِّئ، هل تخلَّف عن غارة جوية؟ وأكوامُ القُمامة رابضةٌ بالأركان تحرس العُشاق. صباح الخير أيها المُكدَّسون في الباصات، وُجوهكم تُطلُّ من وراء الزجاج المشروخ مثل المساجين في يوم الزيارة. والجسر المُكتظ بالعابرين. السائرون على عجَل يلتهمون سندوتشات الفول بِنَهم وبلا تذوُّق.»
كثيرًا ما تَناوَل «نجيب محفوظ» تَبِعات الانفتاح الاقتصادي على المجتمع المصري في أعماله، ومنها الرواية التي بين أيدينا؛ إذ يَسرُد لنا ذلك من خلال أسرة «محتشمي زايد»؛ الرجل المُنتمي إلى جيل ثورة ١٩١٩م، والذي يقضي شيخوخته بمُفرَده في البيت بين الاستماعِ إلى القرآن والأغاني والأخبار، والشعورِ بالألم النابع من أعماقه على حال أُسرته، التي تَتكوَّن من ابنه «فواز» وزوجته «هناء»، اللذين يُنفِقان أعمارَهما بين العملِ الحكومي في الصباح، والعملِ في القطاع الخاص بعد الظهر، ليَتمكَّنا من مُواجَهة ضرورات الحياة وسُعار الغلاء؛ ومن ابنهما «علوان» الذي لا يكاد يرى أبوَيه، فلا يجد سوى جدِّه ليَأنَس كلٌّ منهما بالآخَر، وتربطه قصةُ حب بزميلته في العمل «رندة سليمان»، فيعيشان معاناةَ جيل السبعينيات الذي يَنتمِيان إليه؛ وتتفاقم هذه المعاناة حتى تدفع «علوان» إلى قتل مديره «أنور علَّام» في ٦ أكتوبر ١٩٨١م.
القرار الأخير
«دهَمَنا الانفتاحُ كالطوفان؛ أُناس طفَوا فوق سطح الماء الهادر، وآخَرون مضَوا يغطسون نحو القاع. بادئ الأمر فَرِحنا لانهزام الانغلاق. قلنا: ولَّت أيامُ الحصولِ على عُلبة ثِقاب بالطابور والبطاقة، وتسوُّلِ الأدوية من المُحسِنين. ولكن رويدًا رويدًا تَحرَّك القلق جارًّا وراءَه الخوف، وأخذَت تكاليف الحياة تَتجهَّم وتُكشِّر عن أنيابها.»
باقةٌ قصصية من أروع ما كتب «نجيب محفوظ» لقُرائه، جمَع فيها أعذبَ القصص التي يَفوح منها عِطر الطفولة والصِّبا، ويقف الحنين مُنتشيًا فيها؛ فنراه في قصة «المهد» يُقدِّم لنا لوحةً بديعة تنبض بالحياة، رسَم فيها التفاصيل البسيطة والعميقة التي تمنح الأشياءَ روحًا تعيش بداخلنا ونظل أسرى لذِكراها مهما تَقدَّم الزمن. وتأتي قصة «دخان الظلام» لتُقدِّم رؤيةً محفوظية عن الحياة والفوضى التي على مَشارفها، لكنه يحمل لنا في النهاية صباحًا جديدًا وشمسًا مُشرِقة. أما قصة «ذوو الدخل المحدود» فتكاد تكون من أعظم ما كُتب في الأدب عن التأثيرات الاجتماعية والاقتصادية للانفتاح الاقتصادي في السبعينيات. وفي «الحزن له أجنحة» يُذكِّرنا بأن حب الحياة ينتصر في النهاية، وأن الحزن مهما طغى وتكاثر، فله أجنحةٌ سيطير بها يومًا ما، وتبقى الطمأنينة تَسكُن القلوب.
الكرنك
«وحدَّثني عن مصرع حلمي حمادة، فقال: إنه مات في حجرة التحقيق، كانت به عصبيةٌ وجُرأة، استفزَّتْهم إجاباتُه، تلقَّى صفعاتٍ فهاج غضبُه، وحاوَل أن يردَّ الاعتداءَ بمثلِه؛ فانهال عليه حارسٌ باللكمات حتى أُغمِي عليه، ثم تبيَّن أنه فارَق الحياة.»
جاءت رواية «الكرنك» لتَكشفَ اللِّثام عمَّا جرى في سجون الحِقبة الناصريَّة، وبالأخص في فترة الستينيات، من انتهاكِ آدميةِ الإنسان وتعذيبه. واستطاع «نجيب محفوظ» ببراعته الفائقة أن يُصوِّر ذلك من خلال مجموعة من الشباب الجامعي المُؤمِن بالثورة وبدورها الإيجابي، يجتمعون بصفةٍ دائمةٍ داخل مقهى «الكرنك» بوسط البلد، وقد حمل اسمُ المقهى دلالاتٍ رمزيةً عن حضارة «مصر»، كما صرَّح «نجيب محفوظ» أن المقهى المقصود هو مقهى «ريش» بميدان «طلعت حرب» الذي كان قِبْلة المُثقَّفين آنذاك. وجاءت الرواية في أربعةِ فصولٍ، كلُّ فصلٍ منها يحمل اسمَ شخصيةٍ أساسية من شخصياتها، وهم: «قرنفلة» الراقصة المعتزلة وصاحبة المقهى، و«إسماعيل الشيخ» الشاب الجامعي الذي يَتعرَّض للاعتقال، و«زينب دياب» التي تَتعرَّض للاغتصاب داخل المُعتقَل على يد رجال الأمن، و«خالد صفوان» رجلُ الأمن الذي يَرمُز إلى فساد النظام.
الحب تحت المطر
«لم يبقَ في الحجرة إلا إبراهيم، بمجلسه فوق الكنبة بين سنية خطيبته، وعليات شقيقته. ارتدى جلبابًا فضفاضًا، برز من طوقه رأسه الحليق ووجهه النحيل الشاحب، والنظارة السوداء التي أخفت عينَيه. ذاك أول يوم رجع فيه إلى بيته، حيث تلقَّى سيلًا من كلمات العزاء والتشجيع، ثم أُخليت الحجرة إلا من ثلاثتهم.»
تسرد هذه الرواية حالة اليأس والضياع التي أصابت المجتمع عقب هزيمة يونيو ١٩٦٧م، وانهيار القِيَم وغياب الحقيقة، من خلال شخصياتٍ عديدة من أوساطٍ متباينة، لكن تجمع بينهم شبكة من العلاقات، وتبدأ كل شخصية تسلك طريقًا مختلفًا، لكنهم يلتقون في النهاية؛ فنجد شخصية «مرزوق» الذي تقوده الظروف إلى مهنة التمثيل ليقوم بدور جنديٍّ محارب على الجبهة، ويقع في حب «فتنة» إحدى نجمات التمثيل؛ فيتخلى عن حبه ﻟ «عليات» ويتزوج من «فتنة». و«منى» الفتاة الحرة التي تُصدَم في عالم التمثيل الذي كانت تنبهر به. أما «إبراهيم» الجندي الحقيقي الذي يقف على الجبهة فيُصاب في عينَيه ويفقد بصره، في رمزيةٍ للشعب المصري الذي عجز عن الرؤية الواضحة والصحيحة لكل ما جرى في ذلك الوقت. لكن حالة التخبُّط تنتهي بسطوع شمس انتصار أكتوبر، وعودة مرزوق ﻟ «عليات».
دنيا الله
«الإنسان يعيش على الأوهام ويسعد بها»
نجيب محفوظ توقف عن كتابة القصص القصيرة لفترة تجاوزت العشرين عامًا، ليعود بمجموعة قصصية بالغة الجمال.
إنها “دنيا الله” المجموعة التي تقرؤها الآن.
و”دنيا الله” مجموعة قصصية تتكون من 14 قصة قصيرة صدرت طبعتها الأولى عام 1963، وهي واحدة من أمتع مجموعات نجيب محفوظ القصصية، بسردها بالغ الجمال عن حياة الناس والمفعم باللمحات الإنسانية الرائعة؛ حيث سيرة الحياة والموت؛ وحيث ستبحث خلالها عن “زعبلاوى” في كل مكان، فكلنا نفعل.
«لم تُخلق دور العبادة للمهاترات السياسية وتأييد الطغاة»
المرايا
«بِتُّ أعتقد أن الناس أوغادٌ لا أخلاقَ لهم، وأنه من الخير لهم أن يَعترفوا بذلك، وأن يُقيموا حياتَهم المشتركة على دِعامةٍ من ذلك الاعتراف، وعلى ذلك تصبح المشكلة الأخلاقية الجديدة هي: كيف نَكفل الصالحَ العام والسعادةَ البشرية في مجتمع من الأوغاد؟»
ترى عيونُ «نجيب محفوظ» النافذةُ إلى الأعماق كلَّ الشخصيات التي مرت بحياته، سواء مرت مرورًا عابرًا، أو كان لها وجودٌ أساسي فيها، وحاضرٌ دائمًا. كتب عنها كما رأتها عيونُه من الداخل ومن الخارج، فأتى وصفُه دقيقًا كأنه يرسم الملامحَ بريشةِ فنانٍ إحدى عينَيه على الشكل العام، والأخرى على التفاصيل الدقيقة التي تحتاج إلى عيونٍ ذكية تلتقطها، فكانت الرواية مرآةً تَكشف كلَّ هذه الشخصيات التي لا تنتمي إلى عالَم «نجيب محفوظ» فقط، بل هي أيضًا النماذجُ التي يَتشكَّل منها المجتمع؛ ومن ثَم فمن الطبيعي أن تجد فيها الخيِّر والشرير، الرحيم والقاسي، الجَسُور والجبان، كما أرَّخ من خلالها للفترة الممتدة من ثورة ١٩١٩م إلى ما بعد النكسة بثلاثة أعوام، فقدَّم الشخصيات في صورة بورتريهات محفوظية مرسومة بلغته الأنيقة التي تجعلك تَهيم في عالَمه إلى حدِّ الثُّمالة.
الشحاذ
.«والكراهية نبتَت في مُستنقَعٍ آسِن مُكتظٍّ بالحِكَم التقليدية والتدبير المنزلي، ولا عزاءَ فيما بلغناه من ثراء ونجاح؛ فالعَفَن قد دفَن كلَّ شيء. وحُبست الروح في برطمانٍ قَذِر، كأنها جنينٌ مُجهَض، واختنق القلب بالبلادة والرواسب الدَّسِمة، وذبلت أزهارُ الحياة فجفَّت وتهاوت على الأرض، ثم انتهت إلى مُستقَرها الأخير في مُستودَعات الزُّبالة.»
في رحلةٍ من الشك إلى اليقين، يبحث «نجيب محفوظ» عن سر الكون وقيمة الحياة، فيبحث عن الله والإحساس بوجوده من خلال شخصية «عُمر» الذي يبلغ الخامسة والأربعين من عمره، لكنه يشعر أن جسده أصبح خاملًا وشاعرًا بالاغتراب والانفصال عن العالَم. يرغب «عُمر» في التماس الإله داخلَه، مُحاوِلًا فَهم طبيعة الوجود والعالَم الميتافيزيقي، فيحاول أن يفهم الحياةَ من خلال لغة الجسد، فيجعل من جسد المرأة سرًّا للوجود، لكنه يظل تائهًا ويستمر في المعاناة، فيلجأ إلى التصوُّف علَّه يجد فيه الاطمئنانَ والسكينة والنشوة، لكنه يعجز عن الإحساس بالنشوة المرجوَّة، ويُقرِّر أخيرًا الحياةَ في الخلاء بعيدًا عن البشَر، ويدخل في حالةٍ روحية منفردة يناجي فيها الإله، يرجوه بالإنعام عليه بسرِّ الوجود وقيمة الحياة، والإحساس به، والوصول إلى اليقين.
حكاية بلا بداية و لا نهاية
.«صدِّقيني لقد اختلَّ ميزانُ كل شيء، خرجَت النجومُ عن أفلاكها، والكلماتُ عن منطقها، وتَمخَّضت قِباب الأضرحة عن أوثان! .. كنتُ مستندًا إلى عراقةِ أصلٍ وامتيازِ بيتٍ وكرامةِ أُسرة، أين كل أولئك؟ أين؟ .. مع الزمن سيرى الناس فيَّ رجلًا غارقًا في الخطايا مُلوَّثًا ضائعًا، شيَّد من أموالهم بفساد ذِمته بناءً ضخمًا.»
تجلى إبداعُ «نجيب محفوظ» القصصي في هذه المجموعة القصصية النفيسة التي جمع فيها خمسَ قصصٍ قصيرة اشتركت جميعُها في الفكرة، والنظرة للحياة، فلا تعرف متى بدأت الحكاية، ولا تمنحك نهايةً بل استمرارية للحياة لا تنقطع؛ ففي قصة «حكاية بلا بداية ولا نهاية» يتحدث «محفوظ» عن استمرارِ الصراع بين السلطةِ الدينية مُمثَّلةً في الطريقة الأكرمية ورئيسها «محمود الأكرم»، وثورةِ العلم عليها مُمثَّلةً في «علي عويس». وفي قصة «حارة العشَّاق» يتَّخِذ من علاقة «عبد الله» بزوجته «هنية» التي تمرُّ بعِدة عواصف — فقد ظلت حياتهم مُستقرَّة وفي سعادةٍ غامرة لمدةِ خمسِ سنوات حتى تَسلَّل الشك إلى هذه العلاقة، وأفسَد كلَّ شيء فيها — رمزًا لمرحلة الشك عند الإنسان في إيمانه، ومُحاوَلات الرجوع إليه. وغير ذلك من القصص الرمزية والفلسفية التي تُؤكِّد على استمرارية الحياة.
عصر الحب
«إذَن فلْتَكُن البداية وستُّ عين في الخمسين ووحيدُها عزت في السادسة، وهي امرأةٌ مرموقةٌ ذات شأن ينمو ويَتضخَّم مع الزمن كمدينةٍ صاعدة، تَملِك جميع العمارات الكبيرة في الحارة؛ فهي ثريَّةٌ واسعةُ الثراء … يقولون إنها حافظت على رونق الشباب وهي في الخمسين من عمرها؛ لم يَبهَت سوادُ شعرةٍ من شعرها، ولا اشتكى لها عضو، متينة البناء متوسطة القامة، لا بَدانة تُثقِلها ولا نحافة تَعِيبها.»
هل هو عصر الحب حقًّا، أم هي سُخرية «نجيب محفوظ» المُعتادة من الكراهية التي أصبح عليها الناس، وتجسَّدَت في الرواية؟ هل «محفوظ» كان يقصد من العنوان حب الست «عين» لِابنها، وحب «بدرية» و«حمدون»، وحب «سيدة» ﻟ «عزت»، وحب «حمدون» للمَسرح؛ أم كان يَسخَر من الكراهية التي دفعت «عزت» إلى أن يَحِيك مُؤامَرة لصديقه «حمدون» ليُدخِله السجن لسنواتٍ طويلة؟ روايةٌ إنسانيةٌ تراجيدية يَسرُدها «نجيب محفوظ» بكثير من الحب والحزن، لا تخلو من الحِكَم المحفوظيَّة التي تُقال على ألسنةِ شُخوصها، وتَمنَحك عالَمًا تندمج فيه وتَتأثَّر به إلى حد الانفعال في أحداثه، وكأنَّك جزء منه تَتبنَّى موقفًا وتَدِين آخَر، مأسورًا بشخصية الست «عين»، وتظلُّ هكذا حتى ترى مَشهد النهاية الذي جاء لوحةً إنسانيةً فريدة لا يُبدِعها سوى العبقري الفذ «نجيب محفوظ».